صورة السيسي وحطّة فلسطين
في "رام الله"، ذهبتُ إلى
الحرم الإبراهيمي بالخليل، حيث يرقد جسدُ أبينا إبراهيم، أبِ الأنبياء. كان هذا
ضمن زيارتي لفلسطين العربية للمشاركة في معرضها الدولي للكتاب عام ٢٠١٢. دخلنا عن
طريق الأردن لكيلا تُوصَم باسبوراتنا بختم صهيون المحتّل. عند باب المسجد، حدّقتُ
بغضب في عيني المجنّدة الإسرائيلية حين طلبت منّي نزع "الحَطّة"
الفلسطينية (الكوفية) المكتوب عليها: "القدسُ لنا"، التي كنتُ أُدثّر
بها عنقي. ابتسمتُ في سخرية وقلتُ لها بالإنجليزية: "ياه! كم أنتم ضعاف! أنتم
المحتَلّين (المفعول بكم)، ولستم (الفاعل). الاحتلالُ يسكن قلوبكم. لهذا ترتعبون
من قطعة قماش، لا حول لها ولا قوة! تخافون من ’رمزٍ‘ للمقاومة، لأنكم تؤمنون أنكم
لستم أصحاب قضية! إنه شعور اللصّ الذي يسرق ما ليس له!" وقبل أن يحتدمَ
النقاشُ بيننا، وتتطور الأمور لغير صالحي، جذبني الأصدقاءُ إلى داخل المسجد، بعدما
نزعوا عني الحطّة وأنا أتميّزُ غيظًا من نزعها، لكن شعورًا بالفرح يخفقُ بقلبي
لضعف بني صهيون وهشاشتهم.
أتذكّرُ هذا الموقف كلما شاهدتُ
الرعبَ في عيون معازيل الإخوان حين يشاهدون صورة الفريق عبد الفتاح السيسي تملأ
جدران مصر وقلبها، أو كلّما شاهدوا أحدًا يلوّح بعلامة النصر، في وجه علامتهم
البذيئة (الأصابعُ الصفراء الأربع مبتورة الإبهام). ذلك الشعار القبيح الذي وصموا
به اسم "رابعة" العدوية، المتصوفة الورعة التي لوّثوها بدمويتهم وانحطاط
أخلاقهم. لماذا يخافون الرمز؟! لأنهم يعرفون ضعف موقفهم وغياب قضية يؤمنون بها. لأنهم
يعرفون أن مَن يرفع صورة السيسي إنما يحمل مصرَ في قلبه. مواطنٌ يؤمن بسيادة مصر
التي لفظت عنها المحتلَّ الإخواني الخائن عدو مصر وعدو الحق وعدو الجمال والعدل.
ولأن الله هو الحقُّ وهو الجمال والعدل، فهم أعداءُ الله.
ذبحوا سائقًا لأنه رفع علامة النصر
وسط حشودهم ثم أضرموا النار في سيارته التي تعول أسرته الفقيرة. مزّقوا جسد كوافير
كان يعول والديه المريضين وأطفاله الصغار لأنه يعلّقُ في محلّه صورة السيسي.
وألقوا سيدة وزوجها من الشرفة فهشّموا عظامهما لأنهما يحبّان مصر! ثم يفتئتون على
الحق زاعمين (لسّه!) أنهم ينصرون الإسلام! بينما هم وحدهم صنّاع "الفيلم
المسيء للإسلام" الذي أخرج كثيرين من الإسلام إلى خواء الإلحاد، بعدما شوّهوا
الدين وقدمّوا صورة "مهببة" للحية وزبيبة الصلاة والنقاب ولرجل دين
يُعلن التقوى للناس ويأمر بها على الفضائيات، ثم يرتكب الفواحش في جنح الظلام على
الطريق الزراعي مع منتقبة. الفيلم الهابط "براءة المسلمين" الذي صنعه
عنصريون أمريكان، لم يتسبب في ترك مسلمٍ إسلامَه، بل حدث العكس فدخل غير مسلمين في
الإسلام. في حين أخرجَ الإخوانُ وفصيل الإسلام السياسي الكثيرين من الملّة بسوء
سلوكهم.
كلُّ يوم تصلني تهديدات بالقتل من
معازيل إخوان الشيطان، آخرها نشرته على صفحتي يفتي فيه تافهٌ بقتلي كما قُتل فرج
فودة. ولو كان يدري لعلِم أن الأفكارَ لا تُقتل، لأن لها أجنحة تطير، كما قال
أفلاطون. فوجود مئات من تلامذة فرج فودة، وأنا منهم، يحملون شعلته، دليلٌ على أنه
أكثر خلودًا وحياة من قاتليه النكرات الذين طواهم سوادُ التاريخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق